براءة مهددة بالخطر
في هذا السياق أعزائي القراء سنتناول بإيجاز أشكال المخاطر التي تواجه الأبناء في مجتمعنا اليوم ، وتصنيفها ، أيضا ومدى تأثيرها على المستوى النفسي ، العقلي ، الاجتماعي ، والأداء الفعلي للأبناء ، فعندما نجد أن الأبناء مهددون بالمخاطر ، فحينذٍ يتوجب علينا التوقف إزاء تلك الظواهر وأخذ كل الحيطة لتخطيها بسلام ، وستكون هذه سلسلة مقالات سنتناول كل ظاهرة على حدة وتأثيرها على الأبناء ومحاولة تخطيها قدر المستطاع.

الأبناء يواجهون العديد من التحديات والمشكلات والأضرار التي بدورها تؤثر سلباً عليهم ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ولكني سأستشهد اليوم بأول ظاهرة وهي الأكثر خطورة وانتشاراً الآن وسنفتتح بها سلسلة مقالاتنا وهي ( التكنولوجيا ).
نعم أنا متأكد أنك تدرك تماماً مدى خطورتها ، في هذا الصدد -حدث ولا حرج – كما يقولون ، فالتكنولوجيا هي التهديد الأكبر على أبنائنا هذه الأيام ، الشبح المرئي لنا جميعاً ولكننا نتقبله بكل حب زائف زاعمين أنه سيخلصنا من كثرة طلبات الأبناء وإلحاحهم في كثير من الأمور، نترك الابن ينفرد بأدوات استخدام التكنولوجيا كالهاتف الجوال مثلا أو الجهاز اللوحي أو الاب توب ، حتى تتسنى الفرصة للآباء للجلوس دون إزعاج الأبناء.
كارثة بكل المقاييس أن تجعل تلك الأداة هي وسيلة إسكات الابن ، لأنه سيعتاد ذلك ، وأنتما كأبوين لن تتمكنا من تغيير الوضع لاحقاً ، وإن لم نحسن توظيف التكنولوجيا لصالح الأبناء فهي وسيلة لهلاكهم بصورة غير مباشرة ، والمسألة حينها مسألة وقت ليس إلا.
أيها الآباء ، أنتم بهذا الصنيع تخلقون كائناً مدمناً للأجهزة الالكترونية نظراً لأنه سيقضي عليها المزيد من الوقت وهذا يخلق من الابن كائناً انطوائياً لكثرة عزلته مع هاتفه مثلاً ، كسولاً لا يبالي لأي تعاون وأنشطة ، وهذا يجعل الابن على مستوى المهارات ، أوالصحة العقلية ، أو النفسية في تأخرٍ مستمر نظراً لأنه لا يوجد مهام مختلفة متعددة مفيدة يمارسها ، وكذلك لا مزيد من الأنشطة التي بدورها من المؤكد أن تنمي وتطور من شخصية الابن وكفاءته وعقله!
كذلك من المشكلات التي تسببها لأبنك أيضاً مشاهدة محتويات غير مناسبة لأعمارهم ، فجميعنا يعلم ماذا يتم عرضه الآن على التطبيقات والتي من المفترض أنها تراعي المعايير وإخفاء ما هو غير لائق ، الآن كل شيء يتم عرضه دون رقابة أو إخفاء ، وبهذا أنت تمد يدك لأبنك كي يجد طريقه للإنحراف بكل سهولة ، كما أن الأبناء – على حد علمي – كما شاهدت يميلون للمقاطع القصيرة من الفيديوهات العشوائية ، وهذا يرجعنا للنقطة السابقة وهي مشاهدة محتويات غير لائقة ولو عن طريق الصدفة.
نجد أيضاً مثل هذه الفيديوهات تسبب للأبناء مشكلة ( تشتت الانتباه ) وضعف التركيز والمواظبة عليه ، إذ أنه قد اعتاد سرعة الأشياء وتغيرها في ثوانٍ معدودة ، وهذا يسبب أفراز هرمون “الدوبامين” أو هرمون السعادة وبالتالي سيميل للهاتف اكثر دون الميل لأداء مهامه الدراسية أو المنزلية وستجده بشكل متكرر دائماً ما يريد الهاتف كي يتجدد هذا الشعور لديه سواء بمشاهدة الفيديوهات أو الغوص في مئات الألعاب دون شعور بالملل!
أيضاً من المشكلات الشائعة والتي لا يعلم الآباء سببها هي قلة النوم أو الأرق وعدم الرغبة والقدرة على النوم باكراً ، وهذا أيضاً بسبب استخدام الأدوات التكنولوجية بشكل مفرط كثيراً على مدار اليوم ، ولا أريد أن أذكرك بأن الضوء المنبعث من هذه الشاشات هو ما يسبب ذلك الأرق ، كما أنه يؤثر على صحة العين والنظر.
لا أريد أن أطيل عليكم ، ولكن أحثكم أيها الآباء على أخذ خطوة جادة إزاء تلك الظاهرة مع الأبناء ، وعدم مطاوعتهم فيما يضرهم ، فهم مسؤولون منكم كلياً ، فلا تتركوهم لأنفسهم تقودهم تجاه ما لا نرغب فيه بدافع فضولهم ، فتندم وتصبح ” ليتني” هي الكلمة التي تتردد على لسانك طيلة عمرك!