العولمة
كتب: محمد فهمي
في بداية الأمر أود أن نوضح مفهوم العولمة , فالعولمة هي عملية تطوير وتنمية وتوسيع للأنشطة الاقتصادية والثقافية والسياسية على مستوى العالم بشكل عام وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة التبادل والتكامل بين الدول والشعوب.
إذا فالعولمة من الأشياء الحميدة التي أتت ثمارها على العالم؟! بالطبع لا ، فكل شيء في الحياة سلاح ذو حدين كما له مزايا له عيوب ، وسنتناول معاً في هذه المقالة متى بدأت العولمة ، ومميزاتها على كافة المستويات ـ وعيوبها على جميع الأصعدة وتأثيرها السلبي.
متى ولدت العولمة؟
العولمة بدأت في النصف الثاني من القرن العشرين ، شهد العالم تطورات كبيرة في عدة مجالات ، مجال الاتصالات ، والنقل ، والتكنولوجيا وهذا بدوره سهل التواصل والتبادل بين الدول والشعوب. وهل العولمة بدأت فقط في هذه الحقبة من التاريخ ؟ بالطبع لا، فالعولمة بدأت قبل ذلك بكثير ، فكان هناك تجارة وتأثيرات ثقافية متبادلة بين الدول والشعوب قديماً ، ولكن هو المصطلح وتعريفه وظهوره ليس إلا!
للعولمة إيجابيات وفي إيجابياتها تكمن السلبيات ، يمكننا القول أنه الشيء ونقيضه في آن واحد يتناطحان في سبيل البقاء ، ولكن كعادة وطبيعة الكون والحياة على الأرض وظروف الدول تجاه بعضها البعض ، فضلاً عن تلك الأحداث التي نعيشها اليوم من صراعات وحروب اقتصادية ، وفرض تعريفات جمركية لا أسباب لها وجيهة ، ومحاولة اختراق الدول الأخرى والتجسس عليها بتلك الوسائل التي من شأنها أنها كانت تساعد على تكامل وتفتح الشعوب على بعضها البعض ، وهنا تبدأ العولمة تفقد مميزاتها لتكشف لنا عن أنيابها وحقيقتها!
من مزايا العولمة أنها ساعدت على تطور التكنولجيا مما سرع في تحسن وسرعة المعاملات بين الدول ، ومن ثم نشاط وزيادة التبادل التجاري بين الدول بعضها البعض وبالتالي تشهد تلك الدول تقدم ونمو اقتصادي ، تنتعش الأسواق وتزاد فرص الاستثمار ، ومن هذا المنطلق يمكننا الإقرار بأن العولمة سبباً في خلق سُبل وشرايين اقتصادية من شأنها أن تغذي أفراد وشركات من منطلق تبادل الخبرات والاستثمارات الداخلية والخارجية ، وعلى ذكر المعاملات التي من شأنها أن تجعل مع التبادل التجاري والتكنولوجي تبادل ثقافي ومعرفي ، إذ أن العالم يشهد انفتاحاً غير مسبوق ، فيدفع ذلك البلاد لمحاولة إشباع فضولها تجاه ما يعتري المجتمعات الأخري ، وكل يسعى للتفاخر بما يحوي بداخله من ثقافات وألوان فنية وثقافية.
أما عن عيوب العولمة والتي أسلفت الذكر أن في مزاياها تكمن عيوبها ، الشيء وعكسه في آن واحد ، فالعولمة كما أنها تفتح ذراعيها لما هو جديد هنا وهناك من البلدان باختلافها ، نجد على المستوى الثقافي ، أن مجتمعنا- على سبيل المثال- قد تأثر بشكل كبير ومُخيف حتى أننا نكاد نكون فقدنا هويتنا ، فإذا خرجت للشارع المصري الآن نجد الشباب أصبح “مستغرباً” ( يشبه الغرب) في ظاهره ، ونسعى جاهدين في التشبه بهم ومحاولة الحديث والعيش والتعامل مثلهم ولكن في الجوانب السلبية ، يضربون بالهوية العربية المصرية هويتهم الأصلية عرض الحائط! .
كذلك التعليم وكيفيته وماهيته ، والمواد التعليمية وفرض الدول على الأخرى المواد التعليمية ، وكيفية وأساليب التعليم ، وكذلك الأعمال الفنية والثقافية ، ألوان الفن تغيرت معاييرها ، فضلا عن مواقع التواصل الإجتماعي والتي تقوم بذلك بكل قوة وأكثر انتشاراً ، وهذا نشهده جميعاً فهذه من المشكلات التي نقف بصددها تجاه العولمة، كما أن لها تأثيرات على الجوانب الإقتصادية ، فكما ذكرت سابقاً أن الشيء وعكسه ، نجد دولاً ضخمة تستفيد من العولمة والتبادل بأقصى الحدود ، وفي هذه الإستفادات الكبرى هناك دولاً كثيرة بسيطة تعاني وتصاب بلعنة التضخم وفروق العملات والإقتصاد المتباين بين اقصاد قوي ضخم ، واقتصاد يعاني ليخرج من خندق النمو! وأيضاً مثل الحروب الاقتصادية التي أشرت إليها في بداية المقالة ، كما نشهد حرب أمريكا الاقتصادية على الصين وغيرها من الشعوب ، الأقوى يفرض سيطرته ، ومن هنا تعاني الدول النامية والبسيطة ذو الاقتصاد النامي ، وهنا نجد الجانب الأسود المعتم للعولمة.
العولمة كالنار يمكن أن تضيئ لك طريقك ، أو أن تحرق ما بطريقها ، الأمر يتوقف على فهم وحسن التعامل معها ، وأخذ الإيجابي منها وترك السلبي ، كالإنترنت مثلا نجد الكثير يصب على الانترنت والتكنولوجيا اللوم على تأخر وفشل الأجيال الصاعدة ، وما هي إلا وسيلة لها مزاياها وعيوبها الأمر يتوقف على كيفية استخدامك للأداة التي بين يديك ، فتلك التكنولوجيا التي تشكو منها ساعدت أمماً كثيرة في التقدم والنهوض بشكل أسرع ، في حين أنها سبب تأخرك وهلاكك! ألا يستحق الأمر مننا التأمل قليلاً؟!
