القُنْبَرةُ مع الفيل

القُنْبَرةُ مع الفيل

القُنْبَرةُ مع الفيل
كتب \ محمد فهمي

أذكر لكم قصة قصيرة نقلاً عن الفيلسوف الهندي (بيدبا) عن كتاب نقله ابن المقفع إلى العربية وهو كتاب (كليلة ودمنة) والقصة الهدف منها هو ما أشبهها بالواقع الذي نعيشه الآن، وحتى لا أطيل عليكم فلنبدأ في مقالتنا بشكل مباشر.
القصة سأختصرها عن الكاتب نظراً لشروط المقالة، والقصة تحكي أنه كان هناك طائر من أنواع العصافير- اتخذت عُشاً وباضت فيها على طريق الفيل؛ وكان للفيل مشرب يتردد إليه. فمر ذات يوم على عادته ليرد مورده فوطئ عش القنبرة؛ وهشم بيضها وقتل فراخها. فلما نظرت ما ساءها، علمت أن الذي نالها من الفيل لا من غيره. فطارت فوقعت على رأسه باكيةً؛ ثم قالت: أيها الملك لم هشمت بيضي وقتلت فراخي، وأنا في جوارك? أفعلت هذا استصغاراً منك لأمري واحتقاراً لشأني.
قال: هو الذي حملني على ذلك. فتركته وانصرفت إلى جماعة الطير؛ فشكت إليها ما نالها من الفيل. فقلن لها وما عسى أن نبلغ منه ونحن الطيور? فقالت للعقاعق والغربان: أحب منكن أن تصرن معي إليه فتفقأن عينيه؛ فإني أحتال له بعد ذلك حيلةً أخرى. فأجبنها إلى ذلك، وذهبن إلى الفيل، ولم يزلن ينقرن عينيه حتى ذهبن بهما.
وبقي لا يهتدي إلى طريق مطعمه ومشربه إلا ما يلقمه من موضعه. فلما علمت ذلك منه، جاءت إلى غدير فيه ضفادع كثير، فشكت إليها نالها من الفيل, قالت الضفادع: ما حيلتنا نحن في عظم الفيل? وأين نبلغ منه. قالت: أحب منكن أن تصرن معي إلى وهدةٍ قريبةٍ منه، فتنققن فيها، وتضججن. فإنه إذا سمع أصواتكن لم يشك في الماء فيهوي فيها. فأجبنها إلى ذلك؛ واجتمعن في الهاوية، فسمع الفيل نقيق الضفادع، وقد اجهده العطش، فأقبل حتى وقع في الوهدة، فارتطم فيها. وجاءت القنبرة ترفرف على رأسه؛ وقالت: أيها الطاغي المغتر بقوته المحتقر لأمري، كيف رأيت عظم حيلتي مع صغر جثتي عند عظم جثتك وصغر همتك؟

الشاهد من الرواية يختلف من كل متلقٍ لآخر لهذه القصة، ولكن ما أقصده في مقالتنا يُشبه إلى حد كبير أحداث( غزة ) أو فلسطين, والتي تتمثل في العصفور الضعيف الجريح، والاحتلال والتحالف يمثل الفيل، وكيف لهذا الاتحاد الذكي بين الطيور رغم ضعفه أن يغير مسار الانتقام لهذا الجبروت من الفيل الذي قد اعتاد الظلم.

لا شك في أن  في الإتحاد قوة، والتكاتف في مثل هذه الظروف مسألة حتمية مصيرية بل وبديهية، ونرى في المشهد السياسي الآن –وفي ظل كل تلك التعاقدات والصفقات- التي تسير بين الدول  وتفاقم المشكلات أن مصر تقف شامخة في سبيل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وأهل غزة ، كما أنها اليد العليا والتي تقف عائقاً أمام التهجير لهؤلاء المستضعفين، فضلاً عن حفاظها على أمنها القومي ، والتي تسير في خطاه على خطى ثابتة قوية متزنة بمنتهى الدبلوماسية بقيادة حكيمة واعية تماماً ذو نظرة استباقية للأمور, والاستعدادات التامة لكافة السيناريوهات.

الأمر يتطلب دعم كافي منّا كشعب مصري خلف القيادة الرشيدة والتي لا يجب أن تُدعم حتى لو لم يدعمها أحد من الجوار، فنحن أحق بهذا الدعم لرئيس دولتنا وشعبنا. قوة المجتمع والدولة في تواحد صفوفها، وقد شهدنا هذا أيضاً في فترة ليست ببعيدة، وعليه، يجب أن ندرك ما يجري حولنا، وأن نبقى يقظين دائماً لما يتم كيده لنا بشكل غير مباشر، وحتى نتفادى كل تلك المكائد يجب أن نكون على قلب رجل واحد خلف قيادة قوية حكيمة رشيدة.

img-20250603-wa00264173376374629620757-300x300 القُنْبَرةُ مع الفيل