كيف تُصبح قوياً؟
كيف تُصبح قوياً؟
كتب / محمد فهمي
عزيزي القارئ ، لا يُخالجني الشك في أن مفهوم القوة لديك يختلف عن مفهومه لدي و لغيرنا ، تختلف معايير القوة من شخص لأخر، وبالمناسبة هذا طبيعي ، فالقوة من وجهة نظر البعض تكمن في القوة العضلية والبنية الصلبة ، وآخر يرى أن القوة تكمن في قوة ضبط النفس والصبر والتحكم في الانفعال والغضب رغم أن بداخله بركان يثور ، وآخر يرى أن القوة في الحكمة واتزان العقل ورجاحته أي
“القوة العقلية” ، وآخر يرى أن القوة في المنع أو الامتناع رغم الاشتهاء والرغبة المميتة في الشيء ، وهناك أيضاً قوة التحكم و ترويض النفس البشرية ، وهناك من يرى أن القوة في التفوق الدراسي أو المهني بحيث أنه يرى نفسه رقم واحد في كل شيء ، كلها بالفعل أشكال قد يمتلك بعضها الإنسان ويفقد بعضها الآخر ، وفي النهاية ندرك أن القوة هي القدرة على التأثير في الآخرين أو في مجريات الأمور والأحداث.
أولاً : كي نصل لأفضل معاني القوة يجب أن نعلم أولاً أن القوة تنقسم إلى نوعين (قوة باطنة – قوة ظاهرة)، كما يجب التدرب على كل منها على حدة ، وأن يكون الصبر صديق رحلتك للوصول لكنوز القوة ، فالتدرب والمواظبة والعمل على ما تسعى إلى تحويله لنقاط قوة يحتاج للمزيد من الصبر والمهارات والحنكة والمعرفة والفهم والتحليل ، فالفهم العميق للأمور والدراية الواسعة تجعلك أكثر قوة و اتزاناً وتأثيراً في الناس والأمور ، ولكن في مقالتنا اليوم سنتحدث فقط على القوة الباطنة لأنه منها تنطلق كل أشكال القوة داخلياً وخارجياً.
(القوة الباطنة )
القوة تنبع أولاً من داخلك “من الذات” ، فلا قوة لجسد في نفس ضعيفة لا رجاء منها ، كما أن غذاء النفس وقوتها في الثقة بها وتقديرها جيداً ، كن واثقاً بنفسك وفي قدراتك التي تسعى دائماً لتطويرها ، حينها تجد أنه بداخلك تكمن قوة لا تعلم قدرها ، واعلم حينها أنك قد امتلكت قوة قادرة على التأثير في الآخرين وإقناعهم بك و بأفكارك و إكسابهم ثقة فيك قد أرسلها قوة عقلك ونفسك إليهم.
يجب أن تتأمل عاداتك اليومية والرسائل التي تبثها لعقلك وجسدك وروحك يومياً ، فتلك الأمور التي نفعلها بشكل يومي متكرر هي ما ترسم غالباً شخصيتنا ، فهناك-على سبيل المثال- من يستخدم الهاتف الذكي لتلقي ما هو بلا قيمة ، لا يضيف له أي جديد سوى الانغماس في أعماق الجهل و النمطية والظُلمة واللامبالاة ، وهناك من هو دون ذلك يطور من نفسه من خلال تلك الأداة المتطورة ، وقد تعمدت أن أذكر الهاتف المحمول لأن أغلبنا بداية من الأطفال في سن الخامسة أو ما هم دون ذلك حتى كبار السن ، كلنا يستخدم هواتف المحمول ، وتلك الأداة التي لو لم تكن حريصاً في استخدامها ووضع حدود في استخدامها وتحديد توقيتات لاستخدامها للضرورة فقط ستجدها تهلك وقتك و قواك و طاقتك كما أنها مع سوء استخدامها تؤثر على عقلك بالسلب ومن أهم تلك السلبيات التشتت المستمر وضعف الذاكرة واضطراب المشاعر!
أحرص على تلك العادات الثلاث ( القراءة – التأمل – التحليل )
القراءة تثقل معرفتك و وعيك وتنمي قدرات عقلك ، وتحسن من اتخاذك للقرارات ، وتزيد من قوة عقلك في التفكير .
أما عن التأمل فهو يجعلك تتعلم بشكل فعلي و عملي في الوقت ذاته ، فلو تأملت مثلا المواقف بشكل مستمر ، ستتعلم أيضاً بشكل مستمر حتى لو كانت تلك المواقف لا علاقة لك بها ، فأنت حينها تعلمت من مواقف الغير لمجرد تأملك للمواقف ، ولم تمر على تلك المواقف مرور الكرام.
أما عن التحليل فالمقصود هنا هو تحليل المواقف والحديث والأمور والتجارب تحليلاً منطقياً متعمقاً ، ستستفيد بلا شك ، فلا تضيع فرص التعلم من خلال التحليل أبداً ، وهناك أيضاً مقولة لأحد الكُتاب يقول ( من وعى التاريخ في صدره أضاف أعماراً إلى عمره ) وهذا من منطلق التعلم من خلال مواقف السابقين وتجاربهم وتحليل الأحداث والمواقف وتأملها جيداً وهنا تكمن الاستفادة العظمى.
القوة الباطنة هي المرآة التي تنعكس من خلالها مدى مستوى قوة عقلك ونفسك ، ومدى ثقلهما ، تلك القوة التي تجعلك حكيماً في اتخاذ قراراتك ، بارعاً في التصرف في مختلف الأمور وهي بالمناسبة من أهم أشكال القوة ، فاحرص دائماً على تطوير ذاتك وعقلك و معرفتك واجعل لذاتك ثقل يؤهلك للتميز عن الغير ويرسم لك طريقاً لامعاً في طريق النجاح المهني و الحياتي.




