مساعدك المُهلك
مساعدك المُهلك
كتب \ محمد فهمي
من المعروف أنه عندما يتخذ المرء منا مساعداً يكون سبب في راحته ، تقدمه ، سبب في إعانته على شؤون حياته ومهام عمله ، ولكن ماذا لو كان مساعدك هذا في ظاهره صديقاً وفياً مخلصاً لك يكرس حياته كلها لأجلك ، تجده وقتما تشاء وأينما كنت ، وفي باطنه يكشف عن أنيابه كذئب يتصيد فريسته منتظراً الوقت المناسب لضلالك وضياعك!
بداية من التكنولوجيا الحديثة في جميع الأجهزة الالكترونية حولنا والتي تتطلب الاتصال بالانترنت ، مروراً بمساعدك الذكي في هاتفك ، حتى نصل إلى الذكاء الاصطناعي مثل:
(Deep seek, Gemini ,Chat GPT)
فضلاً عن ظهور القلادة الذكية واسمها Friend والتي سنتناول كل أداة منها على حدة الآن.
التكنولوجيا مثلها مثل أي شيء في الحياة ، لها ما لها وعليها ما عليها ، ولا أتحيز لها ولا عنها ولكن يجب أن تكون نظرتنا محايدة ، فالأمر يتوقف على كيفية استخدام التكنولوجيا وترويضها لصالح المستخدم ، ولكن هذا لا يجعلنا نتغاضى أيضاً عن خطورتها لكونها تتطور بشكل ذاتي وتلقائي سريعاً وأيضاً لكونها الخطر الأكبر على الإنسان أكثر من أنها وسيلة مساعدة له ما لم يتحكم في تلك الأداة بالغة القوة والخطورة.
(Deep seek, Gemini, Chat GPT)
وغيرها من التطبيقات المشابهة وهذه التطبيقات لن أحدثك على أنها تجعل الكثير من الناس لا يٌطيق التفكير والبحث بل والإبداع أيضاً ، يُلغ عقلك تدريجياً لأن الأمور أصبحت متاحة بضغطة زر ، بل سأحدثك عن ما هو أخطر من ذلك ، الأخطر هو الأبناء واستخدامهم هذه الأدوات المتطورة في أداء واجباتهم ومهامهم المدرسية، وهذا بلا مبالغة رأيته بعيني ، وهذا على مستوى الأمور الدراسية ، وماذا عن فضولهم الذي قد يقودهم إلى ما هو أخطر من ذلك ، أغلبنا يعلم قصة يدعى ( سولبيرغ ) الذي قتل والدته ثم انتحر بعد أن تفاقمت حالة الذهان التي كان يعاني منها عقب محادثات مطولة مع تشات جي بي تي.
كما أنه ساعد شاباً مراهقاً يدعى (آدم راين) في السادسة عشر من عمره على إنهاء حياته بعد أن وجد في عزلته ملجأ وجانباً بعد أن أصبح الشاب يحكي لهذا التطبيق كل أسراره وأفكاره وميوله حتى بلغ البرنامج مرآته للحياة ، ولم يتردد التطبيق في إعطائه أفضل وسائل وطرق الانتحار.
وأيضاً هناك رجلاً أمريكياً خبير في صناعة التكنولوجيا يقتل والدته الثمانينية ثم ينتحروتبين أن هذا الرجل تأثر بتوجيهات (تشات جي بي تي) والذي غذى جنون الارتياب لديه وظن أن والدته جزء من المؤامرة.
وأيضاً تلك القلادة الذكية واسمها (فريند) وهي التي تخلق شخصاً منعزلاً انطوائياً ، يشاركها مشاعره وانفعالاته ، رغباته ، تطلعاته ، طموحاته ، وغيرها من الأمور الشخصية المتعلقة بالفرد الذي يرتديها وبهذا فهي في منتهى الخطورة كما أن هناك حملات هاجمت تلك الفكرة بشكل شديد إذ أنها بهذا تُربك المجتمع ، كما أنها تخلق عزلة اجتماعية طويلة الأمد ، وجميعنا يعلم خطورة الانطوائية والعزلة والأفكار التي تطرأ على العقل والمرء في فترات عزلته الطويلة.
ورأى أغلبنا بلا شك وسائل الاعلام بشتى أنواعها تناولهم مسألة أستغناء بعض الشركات الكبرى عن عدد كبير من العاملين ، وقد استبدلوهم بالروبوتات المتطورة والتي حلت محل العنصر البشري ، ولا يُخالجني الشك في أن الشركات بلا استثناء ستسلك المسلك ذاته في سبيل توفير تكاليف العمالة البشرية ، وهنا سيختفي الدور البشري بشكل تدريجي سريع ما لم يتم وضع حداً لدور الروبوتات والتكنولوجيا في حياة البشر ، كما أن رجل الأعمال الشهير (إيلون ماسك ) قد أشار في لقاء صحفي أنه بعد سنوات ليست ببعيدة سيصبح العمل مسألة إختيارية بالنسبة للناس!
التكنولوجيا الحديثة التي تمكن الناس الآن من الاختراق كشاشات التلفاز الحديثة ، والسيارات الكهربائية ، والهواتف الذكية ، وغيرها من الأمور المتطورة والتي بها نظام الكتروني بإمكانه الاتصال بالانترنت ، كل تلك الانظمة كثيراً ما تستخدم للاختراق ، كما أنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في التلاعب بالصور ، وصنع فيديوهات وصور غير حقيقية ( مُفَبرَكَة ) ومن ثم استغلال أصحابها بشكل غير سوى وغير أخلاقي ، وقد حدث هذا كثيراً وأدى إلى حوادث مروعة!
التكنولوجيا سريعة التطور وإيجابية ، ولكن من الناحية الأخرى لا يمكن أن ننكر سلبيتها ، وضروري أن نقول أنها سلبية أكثر منها إيجابي ، فالإيجابي فيها يمحو في البشرية والإنسانية شيئ ما بشكل غير مباشر بمرور الوقت ، وعليه كان لزاماً علينا أن نتحدث ونتشارك تلك المسائل حتى يصبح لدينا الوعي الكامل بتلك الأدوات التي بين أيدينا وبين أيدي أبنائنا ، وأن نزيد من المتابعات والحرص سواء مع أنفسنا ، أو مع من حولنا.




