في ظلال رمضان
(حكايات تضيء القلوب
*في ظلال رمضان*
(حكايات تضيء القلوب ١)
ا==================
في شهر رمضان المبارك موعدنا مع ايه يوميا من كل جزء بالترتيب من القران الكريم عن الاخلاق والموعظة الحسنة.
وورد في الجزء الاول الايه
*﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾*
(البقرة: 83)
هذه الآية تحث على الكلام الطيب وحسن التعامل مع الناس، وهو خُلُق يتناسب مع شهر رمضان، حيث يُرَبّي الصيام المسلم على ضبط لسانه، والابتعاد عن الجدال، والكلام القاسي، والتحلي بالرفق واللين في الحديث مع الآخرين.
*تفسير الاية الكريمة*
*@يقول الامام الجنيد*
إن هذه الآية تدل على أن اللسان مرآة القلب، فإذا كان القلب عامرًا بالأنوار الإلهية، نطق اللسان بالحسن والخير. والكلام الحسن هو ذكر الله، والنصيحة بالحق، والكلمة الطيبة التي تزرع الألفة والمحبة بين الناس.
*@ويفسر الجيلاني* هذه الآية بأن القول الحسن يشمل الصدق، اللين، والتواضع مع الناس. ويرى أن أهل السلوك ينبغي أن يجعلوا كلامهم سببًا في تقرب العباد إلى الله، لا سببًا في نفورهم. والكلام الحسن لا يكون إلا إذا كان القلب خاليًا من الغل والحقد.
*@ ويقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري*
إن هذه الآية تدعو إلى تهذيب الأخلاق، لأن اللسان ترجمان القلب. فكلما زكى القلب بالإخلاص والتقوى، انعكس ذلك على القول الحسن.
فالخلق الحسن هو من صفات السائرين إلى الله.
*@ ويشرح شيخ محيي الدين بن عربي*
هذه الآية حيث يرى أن “القول الحسن” لا يقتصر على الألفاظ الطيبة، بل يشمل الخطاب الذي ينقل الإنسان من حال الغفلة إلى حال الحضور مع الله. فالكلمة الطيبة عنده مفتاح لفتح القلوب، وهي وسيلة للترقي في مدارج المعرفة الإلهية.
*@ ويعتبر الإمام أبو الحسن الشاذلي*
أن القول الحسن هو الكلمة التي تُحيي ولا تُميت، تُقرب ولا تُبعد، تُهدي ولا تُضل. وهو يرى أن هذه الآية تشير إلى مقام الإحسان، حيث يكون الذاكر لله دائمًا في حالة لطف ورحمة مع الخلق، مستمدًا نوره من النور الإلهي.
*|||الخلاصة|||*
جميع هؤلاء الامة يرون أن “وقولوا للناس حسنا” ليس مجرد أمر بحسن الكلام، بل هو توجيه روحي للترقي في الأخلاق، وتنقية القلب، واستعمال اللسان فيما يرضي الله، حتى يكون الكلام وسيلة للهداية والتقرب، وليس مجرد ألفاظ تقال بلا روح.
*|||سبب النزول|||*
ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت لتوبيخ بني إسرائيل الذين كانوا قد أُمروا بقول الحسن للناس، لكنهم خالفوا ذلك وتكبروا، خاصة على غيرهم من الأمم، وكانوا يخاطبون الناس بجفاء وسوء. فالله تعالى أمرهم بالكلام الحسن، لكنهم كانوا يخاطبون النبي محمد ﷺ والمسلمين بعبارات فيها تحقير واستهزاء، مثل قولهم “راعِنا” بقصد السخرية.
لذلك جاءت الآية تأمرهم بما كان في أصل ميثاقهم، وهو التزام القول الطيب الذي يعكس الأخلاق الحسنة والتعامل الراقي بين الناس.
قصة من هدي وسنة النبي ﷺ
في تطبيق معنى ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، نجد العديد من المواقف التي تجسد هذا الخلق العظيم.
قصة الأعرابي الذي جذب النبي ﷺ بردائه
روى أنس بن مالك رضي الله عنه:
“كنت أمشي مع رسول الله ﷺ وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله ﷺ قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك! فالتفت إليه رسول الله ﷺ فضحك، ثم أمر له بعطاء.”
(رواه البخاري ومسلم)
هذه القصة تجسد روح الآية الكريمة، حيث أن الكلمة الطيبة والخلق الحسن ليسا فقط مع من يعاملنا بلطف، بل حتى مع من يسيء الأدب، لأن الهدف هو تهذيب النفوس ونشر الرحمة بين الناس، خاصة في شهر رمضان المبارك الذي يعلمنا الصبر والإحسان.
@كيف تعكس هذه القصة معنى الآية؟
*الكلام الحسن والرحمة رغم الإساءة: الأعرابي لم يكن لطيفًا في طلبه، بل جذب النبي ﷺ بعنف حتى أثّر في كتفه، ومع ذلك لم يغضب النبي ولم يرد الإساءة بالإساءة، بل رد عليه بحسن الخلق.
- الابتسامة والتسامح: النبي ﷺ لم يواجه الإساءة بحدة، بل تبسم في وجه الأعرابي، وهذا قمة الإحسان في القول والعمل.
- الإحسان حتى مع سوء الأدب: النبي ﷺ لم يكتفِ بالعفو، بل استجاب لطلب الأعرابي وأمر له بعطاء، وهذا تطبيق عملي لأمر الله بحسن القول والعمل
