براءة مهددة بالخطر” فجوة التواصل بين الآباء والأبناء “
كتب \ محمد فهمي
نستأنف الحديث عن المشكلات التي تقتل براءة الأبناء تدريجياً ، ومن ثم تحوله بمرور الوقت إلى شخص غير سوي أو عدواني ، أو ميوله تصبح غير متزنة وغير مفيدة ، تهلكه هو ومن حوله إذا ما لم يتم السيطرة عليها.
في تلك المقالة نتناول قضية من أهم القضايا التي تعتبر من أكبر المشكلات التي تواجه الأبناء والآباء ، لسيما في تلك الآونة التي يتغللها التكنولوجيا المخيفة وتأثيرها على الأبناء مما يجعلهم في مرتبة أكثر تقدماً وتطلعاً وتطوراً ، في حين أن الآباء في الجانب الآخر لازالوا يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم ومذاهبهم الشخصية والتي تسيطر على الكثير من الآباء ، لن أقول كلهم ولكن الأغلب على هذا النحو ، وعليه ، نجد الآباء والأبناء ينحصرون بين قوسين يضيق عليهم مما يسبب الضغوط النفسية لكلا الطرفين فيترتب عليه توتر العلاقات والجفاء وربما الهجران وسوء التواصل الجيد بين الطرفين ، وتلك هي المرحلة الأولى فرق الأزمنة بين الأجيال.
من مساويء مشكلات التواصل وما يخلق فجوة بين الآباء والأبناء ، الغضب المستمر والتوتر الزائد من جانب الآباء ، وهذا يجبر الابن تلقائياً على خلق أجواء آمنة هادئة تخلو من الإنفعال والغضب والتوتر ، فإما أن ينعزل تماماً عن والديه منعناً لكل ذلك الضغط ، أو الانجراف لأصدقاء السوء بحثاً عما يفقد من اهتمام واستماع ونقاش ، فيسمع من الآراء ما لا تغني ولا تُسمن من جوع ، وهذا أيضاً يخلق شخصية لا تعرف للثقة معنى ، فلا هو يثق في والديه لأنه يحسبهما يخالفانه لمجرد الخلاف ، أو أنهم لا يهتمون لمصلحته ، فتُصبح قراراته فردية من ذاته ، أو أن يفقد الثقة في نفسه أصلاً ، لأنه لا يجد الثقة والأمان والمصداقية في أقرب الأقربين له ( الآباء ) فتجده غير واثقاً في اختياراته ولا قراراته ، فيعتمد على الغير في تولي تلك المسؤولية والاختيار له.
فروقات الأزمنة واختلاف الرأي يجب توظيفه في جو من الهدوء والتفهم ، الهدوء أي تخلو الأجواء من التعصب للرأي بالنسبة للآباء ، والتفهم أيضاً لوجة نظر الأبناء وتفهم اختلاف زمنهم ومن ثم أفكارهم وتطلعاتهم ، ومحاولة توظيف الخوف والعاطفة والحب لدى الآباء بشكل سليم في جو من الهدوء والتفاهم حتى يتقبل الأبناء تلك الآراء الحنونة التي تهتم في المقام الأول لمصلحة الأبناء ، أما لو حدث غير ذلك فأنت بذلك تخلق أبناء إما عنيدة تتعصب وتميل لرأيها وستصبع مع العمر أكثر عناداً ، أو أبناء كاذبون ، سيبدون لكم أنهم يوافقونكم الرأي ، وهم في الحقيقة يفعلون ما يرغبون فيه وما يرونه من وجهة نظرهم ، وفي كلا الحالتين لا نرغب في حدوذ هذا أو ذاك!
المشكلات في هذا السياق كثيرة وكبيرة جداً ، ولا تسعنا المقالة لذكرها ، ولكن هؤلاء أشهرها ، ويجب أن نذكر أخيراً الحلول لتلك المشكلة ، فيجب أن نتفهم وجهة نظر الأبناء وأن نسمع لهم بشكل جيد ، هذا بدوره يبعث الطمأنينة في قلوبهم فيجعلهم يرتاحون فيعبرون عن أنفسهم.
محاولة مراقبة الأبناء وتقلباتهم ، وحالتهم المزاجية ، وكيف تكون تصرفاتهم في الأمور ، كل وما هي لهجتهم ولغتهم التي يتحدثون بها ، وميولهم ، كل تلك الأشياء هي مفاتيح للآباء لمعرفة طبيعة الأبناء ، وهل يتأثرون بالجيد أم السيء ، وما طبيعة الأصدقاء ، أو استخدام مواقع التواصل الأجتماعي هل بشكل جيد أم لا ، يجب ألا نخرج التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي من الحسبان لأنها عنصراً أساسياً نجده معنا دائماً في قضايا الأبناء والتربية ، كما أنها تكررت معنا في المقالات السابقة كلها من تلك السلسلة ، فلا نغفل عنها ولا نغفل عنهم ونتركهم مشتتين ضائعين في عالم التكنولوجيا المخيف!
