يجب الالتفات عن..

يجب الالتفات عن..

عزيزي القارئ ، هناك الكثير من الأمور التي تحدث في يومنا بشكل متكرر يجب الالتفات عنها ، تحدث لأنها أصبحت شيئاً قد اعتدانا عليه بمرور الوقت ، وبحكم العادة أصبحت شيئاً متأصلاً في يومنا , وأبسط مثالاً على ذلك وهو محور حديثنا هو مساوئ بعض مواقع التواصل الاجتماعي وتصنيفها وتأثيرها على النفس والعقل!

WhatsApp-Image-2025-01-27-at-11.41.08-AM يجب الالتفات عن..

دعني أوضح لك أكثر موضوعنا اليوم . في الحقيقة أرى أننا يوماً بعد يوم تأخذنا تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي لعوالم خفية مظلمة لا ندرك تأثير تلك العوالم إلا بعد فوات الأوان ، وما يضر فيها أصبح أكثر مما يفيد ، تجد نفسك تنهمك تلقائياً في أحضان آلاف الفيديوهات القصيرة والتي لا تتجاوز العشر أو العشرون ثانية ، تلك الفيديوهات التي تسعى جاهدة إلى أن تسلبك وقتك وأموالك في سبيل متعة زائلة مؤقتة غير مفيدة لك ، بل مضرة لك ولعقلك الذي بدوره قد اعتاد الأشياء سريعة المنوال قصيرة الوقت والانتهاء ، ومن هذا المنطلق نجد تلك دعوة صارخة تحثنا على الحديث عن أخطر مسألة وهي مسألة حفاظ العقل على التركيز لمجرد دقائق معدودة !

كما ذكرت لكم أن تلك التطبيقات مؤخراً تدس السم في قلوبنا وعقولنا بشكل تدريجي ، أصبحت تميل إلى مقاطع الفيديو القصيرة ، منها أنها تحافظ على استمرارية المشاهد لتلك المقاطع ولتشويقه للمشاهدة أكثر وأكثر في سبيل إشباع متعته للمشاهدة ، والتي لن يتم إشباعها لتنوعها بشكل مهول ، لا ننكر أن هناك الكثير منها يفيد كالتعليمية منها والوثائقية ، معلومات كبسولية سريعة تزيد لعقلك المعرفة شيئاً فشيئا.
أما على الصعيد الآخر فهي لا تعود عليك بالخير أبداً ، وهل هذا يعني أن تلك التطبيقات لا خير فيها؟

أقول: هناك الكثير من التطبيقات لا خير فيها لأنها تهدف في المقام الأول والأخير إلى إنشاء علاقات ومحادثات غير سوية ومفيدة بالمرة، كما أن هناك الكثير أيضاً يفيد مستخدميها بشكل كبير رغم أنه يمكن استخدامها بشكل سلبي ولكن حتى نكون منصفين فهذا يعود لاستخدام صاحبها لها ، فمن الظلم أن نطبق مسألة الكلية في الأمور الحياتية.
إذن هل تلك المساوئ التي نراها في تلك التطبيقات تعود علينا بالسلب على المستوي العقلي والمادي فقط؟
أقول: جسد الإنسان كله مرتبطاً بعضه ببعض إذا تأثر عضواً تتداعى له سائر الأعضاء ، والأخطر من ذلك عندما يكون يتجاوز الضرر العضوي إلى الضرر الــ (النفسي) مثلاً ، فمثل تلك التطبيقات التي تهدف في المقام الأول إلي المتعة تجعل من مستخدميها – مع الوقت – أكثر انطوائية وعزلة لأنه يبحث في العالم الافتراضي ما يروي ظمأه تجاه ما يفتقده في عالمه الحقيقي , كالاهتمام مثلاً أو الحب أو الاهتمام أو إشباعاً لرغبات كاذبة! ، فبذلك قد خلقنا انطوائياً جديداً، فبدلاً من التواجد مع العائلات والأصدقاء والمجتمع ، فقط التواجد مع الهاتف وانتهي الأمر هنا ليشبع كل حاجاته!

تأمل عزيزي القارئ أحوالنا مع القراءة والكتابة ، تأمل عزيزي القارئ مدى تماسك اللغة العربية في حواراتنا وحديثنا ومدى تواجدها معنا في يومنا ، تأمل أيضاً الكلمات الدخيلة والتي تسعى بشكل غير مباشر إلى محو أثر العربية والهوية في مجتمعنا، لا تتعجب من الأمور عندما تتفاقم لأن ذلك يحدث كل يوم وفي تزايد، وهذا ما يدعونا إلى أن نقولها صريحة ( يجب الالتفات عن ما هو مؤذٍ وضار ) من تلك الوسائل الخبيثة التي تدمرنا بشكل بطئ ، كما نريد أن نخص بالذكر الأبناء الصغار، هؤلاء الفئة التي قد توغلت في عالم الهواتف الذكية بشكل مفاجئ وسريع جداً ، فهم أحق بأن نوليهم الاهتمام الاكبر في التوعية ولا نغض الطرف عنهم ، فهم الجيل الصاعد الذي من المفترض أن ينهض بالأمة، فكيف ينهض بالأمة مع شخصية هشة ضعيفة المبادئ والمعنويات خاو العقل ضعيف النفس ، وهذا ما نعانيه الآن- ولا سبيل لإنكار ذلك – نشاهده عياناً في مجتمعنا مع الأجيال الحديثة ، ولو كل منا صنع مقارنة بين الأجيال الإلكتورنية الحديثة وأجيالنا سيدرك مدى الفجوة الواسعة والمفارقة بين الأجيال ، هيا فقد حان وقت الالتفات عن كل ما يضيع ما تبقي من قدراتنا الإنسانية والبشرية فضلاً عن هويتنا التي تصارع من أجل بقائها.